أرسل الى صديق عبر البريد الألكتروني

قراءة في شراكة "الاتصالات" و"زين"

2009-02-17

بقلم : المحرر الاقتصادي- جريدة الأيام

حتى اللحظة، لم تتكشف تفاصيل صفقة دخول مجموعة "زين"، إحدى أكبر شركات الاتصالات العربية، شريكاً استراتيجياً في مجموعة الاتصالات الفلسطينية، لكن من اشارة وردت في تصريح، نشر أمس، للسيد سعد البراك نائب رئيس مجلس ادارة الشركة الكويتية، يبدو ان الصفقة ستكون عبارة عن اندماج بين "الاتصالات" الفلسطينية و"زين الاردن"، المملوكة بنسبة 5ر96% لمجموعة "زين" الكويتية.
وأياً كان شكل الصفقة، فان المسألة الجوهرية الاولى هي أن السوق الفلسطيني، رغم كل التعقيدات والمخاطر السياسية، أثبت أنه قادر على استقطاب رؤوس الاموال العربية للاستثمار في فلسطين، وهذا أمر يشكل شهادة بالثقة والجدارة، في لحظة صعبة، يمكن للجميع قراءة معناها السياسي والاقتصادي ويمكن للسلطة أن تفخر بها، كما أن هذه الصفقة تعني أن قطاع الاتصالات الفلسطيني، الذي حقق خلال السنوات الماضية أداء متميزاً على المستوى الاقليمي بمواكبته التطورات التقنية لتقديم أفضل خدمة للمشترك رغم العراقيل والقيود الاسرائيلية، مقبل على تغير جوهري في علاقته مع قطاع الاتصالات الاقليمي والدولي، الذي يشهد منذ حوالي عقد من الزمان تطورات مذهلة.
ومنذ بدأت الاحاديث تتسرب عن الصفقة المحتملة قبل حوالي ثلاثة اشهر، والتي تأكدت رسمياً في 27 كانون الاول الماضي، يدور جدل حول مدى الفائدة التي ستعود على المواطن والاقتصاد الفلسطيني، وبدا واضحاً ومؤكداً أن ميزان الحساب يميل بالاتجاه الايجابي مدعوماً بالمعطيات والارقام.
فهذه الشراكة تعني تلقائياً توحيد الشبكتين في كل من فلسطين والاردن، والجزء الاكبر من الاتصالات الدولية لكلا البلدين تتم من احدهما باتجاه الآخر، وبتوحيد الشبكتين فاننا نتوقع ان تكون المكالمة بين البلدين عبر الشبكة الموحدة مكالمة محلية، وفي هذا خفض حاسم للكلفة.
ليس هذا فقط، وانما ستصبح شبكة "جوال" الفلسطينية جزءاً من شبكة زين الموحدة، والتي تشمل حتى الآن 5 دول عربية، هي: الاردن، والبحرين، والعراق، والسودان، والسعودية، فيما تجري الاستعدادات لضم عدد آخر من الدول العربية لهذه الشبكة، من بينها الكويت، ولبنان (الذي يعيش فيه اكثر من 400 الف فلسطيني، وحيث تدير "زين" شبكة "ام تي سي تاتش" المملوكة للحكومة اللبنانية وتتطلع لشرائها).
وفي هذه البلدان مجتمعة، اضافة الى الاردن، يعيش ملايين من الفلسطينيين، فيما تسعى "زين" للحصول على رخصة للهاتف الخليوي في سورية، حيث يعيش نحو 450 الف فلسطيني.
بل أكثر من ذلك، فان التقنيات الحديثة تتيح لمواطن في دولة ما الاشتراك في شبكة "جي اس ام" في دولة اخرى، ولهذا يتوقع بان انجاز الصفقة من شأنه رفع عدد المشتركين في كلا الشبكتين، خصوصا مع انتشار الفلسطينيين في عدد كبير من الدول، وربما يفسر هذا سعي "زين" منذ اربع سنوات (عندها كان اسمها "ام تي سي" هل تذكرون؟)، لانجاز شراكة بشكل ما مع شركة الاتصالات الفلسطينية.
ويبلغ عدد مشتركي شبكة الاتصالات الفلسطينية حوالي 314ر1 مليون مشترك في شبكة الهاتف الخليوي و357 الف مشترك في شبكة الهاتف الثابت، فيما يبلغ عدد مشتركي "زين الاردن" 4ر2 مليون مشترك، اضافة الى ان الشبكتين تقدمان خدمات اخرى كالانترنت والاتصالات الدولية في كلا البلدين، ويتوقع ان تؤدي الصفقة، اوتوماتيكيا، الى ارتفاع ملحوظ وسريع في عدد مشتركي الشبكة الموحدة في كلا البلدين، ومن بلدان اخرى.
وتقدم "زين" خدماتها في 22 دولة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، منها 7 بلدان عربية و 15 دولة أفريقية، وتغطي ما يقارب 70 مليون مشترك، وتمتد شبكاتها على مساحة تتجاوز 15 مليون كيلو متر مربع يقطنها مجتمع سكاني تتجاوز كثافته 550 مليون نسمة، لتكون الشركة الرابعة على مستوى العالم من حيث التغطية الجغرافية، وواحدة من اكبر 10 شركات اتصالات على مستوى العالم من حيث القيمة السوقية.
ومن شأن الصفقة/الاندماج مع "زين الاردن"، وقيام كيان اقتصادي ضخم تصل قيمته السوقية الى حوالي 3 مليارات دولار، ومن ورائه مجموعة "زين" الام التي تتجاوز قيمتها السوقية 30 مليار دولار، تشجيع العديد من المستثمرين العرب والاجانب للدخول الى السوق الفلسطينية.
وبحسب المعلومات والاشارات التي تسربت من كلا طرفي الصفقة، فانها ستضمن خصوصية الشريك الفلسطيني، حيث سيتم إدراج اسهم الكيان الجديد في البورصة الفلسطينية، وكذلك في البورصة الاردنية، كما التزمت "زين" بمواصلة نهج المسؤولية الاجتماعية الذي اتبعته "الاتصالات الفلسطينية"، والبناء عليه، كما ان الصفقة تضمن بقاء دور فاعل للشركاء المؤسسين في مجموعة الاتصالات الفلسطينية في مجلس ادارة الشركة الجديدة.
اضافة الى ذلك، فان شركات تابعة لمجموعة الاتصالات الفلسطينية، والتي ستكون مشمولة في الصفقة، ستقدم خدمات الدعم الفني لشبكات "زين" في جميع الدول التي تعمل فيها، وما يعنيه هذا من الحفاظ على الكادر الفني الفلسطيني لهذه الشركات، وتوسيعه، نظرا للتوسع في المهمات، كما ان "زين" لم تخف تطلعها للاستفادة من خبرة كادر الشركة الفلسطينية، الذي تمكن من بناء شبكة متقدمة في ظروف صعبة، في خططها التوسعية الطموحة، خصوصا في افريقيا، والتي تهدف الى الوصول الى 110 ملايين مشترك وحجم ايرادات يتجاور 6 مليارات دولار بحلول العام 2011.
كما أن "زين" تعد من أكثر الشركات ربحية في المنطقة، اذ حققت ارباحاً صافية بلغت حوالي 1ر1 مليار دولار في العام 2007، فيما بلغ صافي أرباحها للاشهر التسعة الاولى من العام 2008 حوالي 811 مليون دولار، ويتوقع ان تتجاوز المليار دولار مع نهاية العام، ويبلغ معدل التوزيعات السنوية للشركة من الارباح حوالي 80%، وستنعكس هذه السياسة ايجابيا، وبشكل كبير، على مساهمي "الاتصالات الفلسطينية"، البالغ عددهم حوالي 7800 مساهم فرد، اضافة الى 135 شركة، والتي بدورها تضم عشرات آلاف المستثمرين الافراد.