أرسل الى صديق عبر البريد الألكتروني

تراجع كبير بقطاع الزراعة الفلسطيني تحت وطأة القيود الإسرائيلية وشح المياه والأساليب التقليدية

2012-09-13

رويترز: كان قطاع الزراعة في الضفة الغربية ركيزة للاقتصاد الفلسطيني ذات يوم.لكن الزراعة الفلسطينية اليوم تشهد تراجعا كبيرا لاسباب عديدة، منها قلة المياه والقيود الاسرائيلية المفروضة على المنتجات الزراعية التي تحول دون وصولها الى الأسواق، وأساليب الزراعة التقليدية.ينظر الزراع الفلسطينيون في بلدة بيت أمر بالضفة الغربية بمزيج من الغضب والحسد الى سكان المستوطنات اليهودية القريبة يروون مزروعاتهم بماء وفير ويصدرون منتجاتهم بدون قيود.وقال مزارع من أهالي بيت أمر يدعى عبد الحميد أبو ماريا "المشكلة الاهم التي تواجهنا (تتمثل بالدخول الحر للمنتجات الزراعية) من اسرائيل. خضرتنا ممنوعة من الخروج الى الاسواق الخارجية او الى اسرائيل، خضرة (المنتجات الزراعية) اسرائيل هي التي خربت علينا. خربت كل زراعتنا وأتلفتها، ولم نعد نجني قيمة تعبنا".ويقول الفلسطينيون ان اسرائيل والمستوطنين اليهود يسعون للقضاء على قطاع الزراعة الفلسطيني تمهيدا للاستيلاء على الارض الزراعية في الضفة الغربية اذا هجرها أصحابها.ويتمسك الفلسطينيون بحقولهم وبساتينهم رغم تلك الصعوبات وغيرها، حيث يصعب على المزارع الفلسطيني في معظم الاحوال منافسة جودة المنتج الزراعي المستورد الى الضفة الغربية.وأشارت بيانات البنك الدولي الى أن نصيب قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني لم يزد على 6% في عام 2010 مقابل 7ر13 في عام 1994. كما تشير بيانات مركز الاحصاء الفلسطيني الى تراجع نسبة العاملين بالزراعة في المناطق الفلسطينية من 22% عام 1994 الى 7ر12 في الوقت الحالي.وتخضع السوق الفلسطينية لقيود وقواعد وضعتها اسرائيل التي تحتل الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ عام 1967، ويتعين مرور أي صادرات زراعية فلسطينية الى اسرائيل أو الى الخارج من نقاط التفتيش الاسرائيلية واجتياز اجراءات طويلة تساهم في زيادة كلفة المنتج وتقليص الربح.وكان الاقبال كبيرا حتى وقت قريب على الكروم التي تنتجها بساتين بيت أمر، لكن الطلب عليها الآن تراجع الى حد بعيد.وفي سوق لبيع الخضار والفاكهة بالجملة في بيت أمر، قال التاجر الفلسطيني محمد العواودة "المشكلة التي نواجهها هي فقدان الاسواق، فقطاع غزة محاصر، ونابلس وجنين وطولكرم. وبضاعتنا تكب، بينما الاسواق مفتوحة امام البضاعة الاسرائيلية، والمزارع الاسرائيلي يتلقى الدعم من الحكومة، فلو خسر هناك من يعوض خسارته، اما بالنسبة لنا فالعوض من الله".وتتحكم اسرائيل في أكثر من 80% من الموارد المائية في الضفة الغربية بموجب اتفاقيات أوسلو التي أبرمت عام 1994، وذلك بالسيطرة على المناطق الاكثر وفرة في مصادر الماء، وتقول منظمات الاغاثة الدولية ان اسرائيل أكثر كرما الى حد بعيد في توزيع الماء على مواطنيها مقارنة بما تسمح بوصوله الى الفلسطينيين.وتقول منظمة العفو الدولية ان استهلاك الفرد الفلسطيني من الماء يبلغ 70 لترا في المتوسط يوميا، بينما يستهلك الاسرائيلي والمستوطن اليهودي 300 لتر في اليوم.ويظهر التفضيل بصورة أوضح في المستوطنات الاسرائيلية في غور الاردن ومنطقة شمال البحر الميت، حيث تقول منظمة "بتسيلم" الاسرائيلية لحقوق الانسان ان معدل استهلاك المستوطن فيها وصل عام 2008 الى 1312 لترا في اليوم معظمها للزراعة. وقالت المنظمة في نقرير صدر عام 2011 ان ذلك يزيد بنحو 18 مثلا على كمية الماء المتاح استهلاكها للفرد الفلسطيني، وان الكلفة الشهرية لاستهلاك المياه للفرد الفلسطيني كانت تزيد ثلاثة أمثال على الكلفة للمستوطن اليهودي.وتظهر نتائج ذلك بوضوح في بيت أمر شمالي مدينة الخليل، حيث يترك كثير من الزراع الفلسطينيين بعض انتاجهم يتعفن في البساتين لعدم قدرتهم على بيعه وتحقيق قدر من الربح.وقال تاجر في السوق يدعى سامر أبو ماريا "العنب الاسرائيلي في البداية كان يباع بثمانية شواكل للكيلو، فيما يباع عنبنا بسعر شيكلين للكيلو، رغم انه اكثر جودة".وتشير بيانات رسمية محلية الى أن الفلسطينيين استوردوا ما قيمته 2ر72 مليون دولار من الخضار والفواكه من اسرائيل في عام 2010، بينما لم تزد حصيلة صادراتهم الزراعية على 92ر2 مليون دولار.ولا يستطيع الفلسطينيون في معظم مناطق الضفة الغربية حفر آبار جديدة للمياه دون موافقة اسرائيل.وتقول اسرائيل انها تسمح للفلسطينيين بالفعل بالحصول على كميات من المياه تزيد على ما ورد في اتفاقيات أوسلو.ويقول خبراء الزراعة الاسرائيليون ان الفلسطينيين يستطيعون تحقيق استفادة أكبر كثيرا من أراضيهم اذا استخدموا وسائل الزراعة الحديثة، ومنها الري بالتنقيط والمخصبات الحديثة، لكن الفلسطينيين يقولون ان المشكلة الرئيسية هي قلة المياه والقيود المفروضة على التصدير.ولا يحصل الزراع على مساندة تذكر من السلطة الوطنية، التي تمارس قدرا محدودا من الحكم الذاتي في الضفة الغربية، ولا تخصص السلطة سوى 1% من ميزانيتها لقطاع الزراعة رغم أهميته.ويواجه صغار المزارعين في أنحاء العالم صعوبة كبيرة في منافسة المزارع الكبيرة التي تستخدم الوسائل الحديثة، لكن الفلسطينيين يقولون ان مشاكلهم سببها الاحتلال الاسرائيلي.وقال وزير الزراعة وليد عساف "نحاول دائما أن نبقي الضرر قليلا جدا على المزارع. ولكن هذه الاستهدافات من قبل جيش الاحتلال ومن قبل المستوطنين تستهدف النيل من الاقتصاد الفلسطيني وابقاءه اقتصادا ضعيفا جدا لا يستطيع أن يصبح اقتصاد دولة مستقلة، وبالتالي نحن باختصار وبصراحة ليس أمامنا فرصة سوى الدفاع عما نمتلكه واعادة بناء كل ما يدمره الاحتلال".وبينما تعاني بساتين الفاكهة في بيت أمر من قلة المياه تمتد أنابيب الماء في مزارع مستوطنة كرمي تسور المقابلة للبلدة لري الاشجار.لكن الامر مختلف عند الفلسطينيين.وقال المزارع يوسف أبو ماريا "ماذا نفعل بشيكلين للكيلو في ظل غلاء السولار وتكاليف الحرث وتقليم الكروم وعمل العائلة. المزارع مل. هذه سياسة مدروسة لتفريغ الارض الفلسطينية من الفلسطينيين وتهجيرهم الى الخارج ليأتي الاحتلال والقول ببساطة انهم تركوا بلادهم".وكانت سلطات الاحتلال قد أصدرت في الاونة الاخيرة أوامر لمزارعين في أريحا بالضفة الغربية المحتلة باخلاء أراض يزرعونها وباقتلاع النخيل المزروع فيها.وقال مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية التابع لوزارة الدفاع الاسرائيلية في بيان مكتوب ان أشجار النخيل موضوع تلك الاوامر في المناطق المحيطة بمدينة أريحا زرعت في أراض لم تثبت ملكيتها، وان الزراع الفلسطينيين يحفرون آبارا تستنزف المياه الجوفية بصورة غير مشروعة في تلك الاراضي.لكن الفلسطينيين يقولون ان معظم الاراضي موضوع أمر الاخلاء الاسرائلي تابعة لوزارة الاوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.وتقع معظم أراضي غور الاردن ومنها العديد من المناطق المحيطة بأريحا ضمن المنطقة "ج" التي تخضع لسيطرة اسرائيل العسكرية والمدنية في الضفة الغربية بموجب اتفاقيات أوسلو.