أنهت بورصة فلسطين تعاملات العام 2013 بحصانةٍ تبعث في طيّاتها المزيد من الثقة بين المستثمرين، وتحمل آمالاً بعودة التحسن إلى مؤشرات النشاط في البورصة من حيث السيولة والتحركات السعرية في العام 2014. إلّا أن مما لا شك فيه أنه قد تنتقل العيون للعام القادم بحذر وأمل في آن واحد، تبعاً للكينونة الخاصة بالبيئة الاستثمارية الفلسطينية ذات الارتباطات السياسية المحلية، مع الأخذ بعين الاعتبار قدرة البورصة على عزل نفسها عن المتغيّرات الإقليمية كما سبق وفعلت. على مدى العام 2013، انقسم عائد مؤشر القدس بين نصفي العام بين خسائر ومكاسب، حيث كان قد تراجع المؤشر في نهاية النصف الأول ما مقداره 5.2% عن إغلاقه السنوي السابق للعام 2012، مردّه شح في محفزات السيولة من أخبار جوهرية على الصعيديين السياسي والاقتصادي بشكل عام، مما كان له أثر جلي على قرارات المستثمرين ورجحان كفة مضاربة صغار المستثمرين في البورصة. فيما بدأ مؤشر القدس بالتدرج نمواً في النصف الثاني من العام 2013، ليمحي الربع الثالث خسائر الربع الأول والثاني ولكن دون تحقيق ارتفاع بالمقارنة مع إغلاقه السنوي في 2012. ليأتي الربع الرابع من العام 2013 مشحوناً بتداولات زخمة نسبياً، ماحياً خسائر النصف الأول ومسجلاً مكاسب مقارنة بنهايته ما مقداره 19.7% ومقارنة بالإغلاق السنوي السابق ما نسبته 13.4%. أيضاً وضمن ديناميّة المؤشر خلال العام 2013، فقد سجل نمواً في نهاية العام ما نسبته 20.1% بالمقارنة مع أدنى مستوى إغلاق له خلال العام وانخفاضاً بنسبة 0.8% فقط من أعلى مستوى وصل إليه.

نجح مؤشر القدس بالنمو خلال النصف الثاني من العام 2013 بالتوازي مع عدّة أمور ذات صلة مباشرة بالقرارات الاستثمارية من جهة وبعناصر هذه البيئة التي تؤسس لتلك القرارات من جهة أخرى. ففي النصف الثاني، اتضحت الصورة أكثر عن بيانات الشركات المدرجة، والتوقعات بشأن ما ستفصح عنه في نهاية السنة المالية باتت أدق. فالمحصلة كانت أداء مالي متميّز ومتسارع النمو ومرتبط بعائد مالي مجدي ومتوقع للمساهمين، ناهيك عن أسهم تتداول على مكررات ربحية منخفضة وجذابة تبعاً للثبات السعري النسبي الذي انتهجته بالتوازي مع نمو المؤشرات التشغيلية والربحية في البيانات المالية لها، ليستخلص الجميع أن في بورصة فلسطين فرصاً واعدة ومقنعة للاستثمار، ولم يتبقى سوى الانعكاس السعري التصحيحي الذي يتناسب مع القيم الدفترية والعادلة لأسهم الشركات. يُذكر أن نسبة توزيع الأرباح النقدية إلى قيمة الأسهم السوقية سجلّت ما قيمته 6.4% في العام 2012، فيما يسجّل المتوسط المتحرك للثلاث سنوات السابقة ما مقداره 6.9% وللأربعة سنوات السابقة ما مقداره 6.6% وللخمسة سنوات السابقة 6.6%. أيضاً شهدت البورصة في الربع الثالث انتقالاً ملحوظاً في مستوى السيولة إثر زخم التعاملات الذي رافق إعلان شركة الاتصالات الفلسطينية استحواذها على حصة استراتيجية في شركة فلسطين للتنمية والاستثمار، تملكت بالتل على إثرها ما نسبته 16.3% من أسهم باديكو القابضة. جاءت طبيعة التعاملات التي رافقت الصفقات بشكل مبشّر، حيث انتعشت التحركات المؤسساتية المحلية منها والأجنبية، وأثمرت بتداولات نشطة كانت نتاج سياسة التحفظ والحفاظ التي انتهكتها كافة عناصر قطاع سوق رأس المال الفلسطيني على مدى سنوات، والذي نبع من مبدأ يتأصل من الثقة بجدوى الاستثمار في الشركات الفلسطينية المدرجة، وأومأت بمؤشر مبشّر لمرحلة قادمة افتقدتها البورصة من أكثر من 5 سنوات من حيث قيم وأحجام التداول. على صعيد آخر، وفي سياق تملك الاتصالات في باديكو والذي بات تملكاً تبادلياً بين الشركتين، وضعت الشركتين أمام المساهمين بهذه الخطوة بعض الأسس لملامح اتجاهات لديهما قد تكون استراتيجية بانكشافهما الأكبر على بعضهما وترابطهما مالياً من انعكاس في البيانات أو تقييمات سعرية أو أعباء نشاط أسهمها في البورصة، مما يجعل مساهمي الشركتين والمراقبين للبورصة على وتيرة أعلى من الترقب لهذين الشركتين.

في نهاية العام 2013، ارتفعت القيمة السوقية للشركات المدرجة في بورصة فلسطين إلى 3.2 مليار دولار، لتسجّل مكاسب بقيمة 388.3 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 13.6% عن نهاية العام 2012. جاء هذا النمو إثر ارتفاعات ملحوظة لأسهم الشركات القيادية الثلاث – الاتصالات الفلسطينية وباديكو القابضة وبنك فلسطين-، والتي شكّلت مجمل مكاسبها السوقية ما نسبته 80.5% من المكاسب السوقية المحققّة خلال العام. حيث تصدّر سهم "بالتل" مكاسب القيم السوقية بتحقيقه ارتفاع مقداره 120.7 مليون دولار، فيما تلاه سهم "باديكو" بتحقيقه مكاسب بلغت 112.5 مليون دولار، من ثم سهم "بنك فلسطين" بمكاسب قيمتها 79.3 مليون دولار.