في خطوة عاكست المطالبات المجتمعية وحمّلت أعباء جديدة على عاتق كافة أطراف قطاع سوق رأس المال الفلسطيني، أقرّت الحكومة قانون تعديلات بشأن ضريبة الدخل، اختزلت فيها ليس الحوار والمشاركة فقط، بل جهود كافة العناصر المكوّنة والمشاركة في بيئة الاستثمار الفلسطينية على مدى سنوات. جاء ضمن التعديلات فرض ضريبة بنسبة 10% على الأرباح سواء كانت على شكل حصص أرباح أو توزيعات نقدية على أن تقتطع من المصدر. فيما عمّمت دائرة ضريبة الدخل في وزارة المالية لاحقاً إرجاء تطبيق هذا البند، على أن يبدأ من العام 2015. تأجيل استيفاء ضريبة الدخل على الأرباح النقدية للعام القادم، خطوة لن ينتج منها إلا فسح المجال لهجرة رأس المال الفلسطيني للخارج، وبدء تراكم العلامات السلبية لاقتصاد لم يكن ينقصه إلا بيئة تشريعات محفّزة لاستنباط قدراته وسط مثبطّات احتلالية فقط. على مدى سنوات، جندّت بورصة فلسطين وهيئة سوق رأس المال وشركات الوساطة العاملة والشركات المساهمة العامة كافة جهودها لتعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية لبورصة فلسطين، متسلّحة بالأداء المالي والتشغيلي ذو التنافسية العالية والعوائد النقدية المجزية للشركات المدرجة، ومسوّقة لعوامل النمو الكامنة لها، باعتبار البيئة الاقتصادية المشرعة الحاضنة لها متّسقة الأهداف معها. عدم إلغاء قرار فرض ضريبة دخل على التوزيعات النقدية سيسهم في خروج الاستثمارات الأجنبية  من بورصة فلسطين، وسيحبط كل المحاولات لاجتذابها.

لن يقتصر تطبيق هذا التعديل الضريبي على فرض ضرائب إضافية على توزيعات الأرباح الموزعة من قبل الشركات المساهمة العامة فحسب، بل سيمتد إلى تقليص الجاذبية الاستثمارية للشركات المدرجة في بورصة فلسطين بالمقارنة مع نظرائها في أسواق المال المحيطة.على مدى السنوات السابقة والتي اتسّمت تداولات السوق الفلسطينية خلالها بالشح وانعدام التحركات السعرية الإيجابية، وازن العائد النقدي بشكل أساسي من مجمل العائد الذي كان يحققه المساهم في نهاية الفترة، بل في معظم الأحيان لم يقتصر إلا عليه. ورغم عدم تحقيق النمو السعري، إلاّ أن بورصة فلسطين كانت تتسم بنسبة معدّل عائد نقدي منافس في المنطقة العربية. فرض ضريبة الدخل على على التوزيعات النقدية سيقلل بشكل مباشر من العائد الاستثماري للمساهم، وقد يساهم في تغيير جذري في استراتيجية الشركات المساهمة العامة بشأن توزيع الأرباح. فيما سيكون عاملاً هاماً في عدم النجاح باجتذاب الاستثمار الأجنبي نظراً لقلّة العائد الاستثماري ناهيك عن تكلفة الاستثمار العالية في بورصة فلسطين. من شأن هذه النتائج أن تؤثر سلباً على النشاط في بورصة فلسطين إثر الفرض الأكثر جدوى التي قد تتوفر في الأدوات الاستثمارية المحلية الأخرى أو خارج البلاد.

يأتي هذا الأسبوع ضمن تساؤلات ضريبية من جهة وسياسية من جهة أخرى، لتؤثر بشكل ملحوظ على شهيّة المستثمرين في البورصة. حيث ومع آخر المستجدّات على الساحة السياسية وجانب المفاوضات، ازدادت حالة الترقب والجمود لدى المتداولين لما قد تؤؤل له الأوضاع في الأيام القادمة، إلاّ أن وحسب التصريحات لا زال باب الوصول للتفاهمات مفتوحاً. لم تلبث بورصة فلسطين إلاّ وانعكست هذه التساؤلات – بشقيها- في وتيرة التعاملات خلال الأسبوع، لينخفض معدّل قيمة التداول اليومي عن ما شهدته البورصة منذ بداية العام، وسط تراجع في مستويات الطلبات الشرائية على الأسهم القيادية، والتي أدّت بدورها إلى تسجيل نسب انخفاض مؤثرة في مؤشر القدس أدّت إلى محو مكاسب العام 2014 بأكملها. على صعيد آخر، دخلت المهلة القانونية الممنوحة للشركات المدرجة للإفصاح عن نتائج أعمالها للربع الأول عن العام 2014 حيز التنفيذ، لتزيد من عوامل الترقب في البورصة بشكل عام و تعزز من مبدأ تباين أسس اتخاذ قرارات الاستثمار لدى المتداولين. فيما مما لا شك فيه أن الترقب ذو حدّة أعلى لما قد تفصح عن الشركات القيادية، نظراً لبعض التوقعات بشأن محفزات النمو.